الطبيعة القانونية للاستحواذ وتأثيره على حرية المنافسة

المقدمة

إنَّ عملية الاستحواذ على الشركة المساهمة تؤدي بالنتيجة إلى هيمنة وسيطرة المستحوذ أو المستحوذين على الكيانات الاقتصادية المؤثرة على القطاعات الإنتاجية وقادرة على خلق قوة احتكارية من أجل الوصول إلى تحقيق مكاسب مادية، وإنَّ هذا يؤثر في النتيجة على حرية المنافسة فيما بين المشروعات، والإضرار بالشركات الصغيرة التي تضطر إلى توقف نشاطها والخروج من السوق بسبب منافسة الشركات المسيطرة لها ومنع الشركات الأخرى التي ترغب بالانضمام إلى القطاعات الإنتاجية من تحقيق ذلك، وبالتالي ما يؤدي إلى تقليص فرص العمل وإنقاص حجم الأيدي العاملة ورفع نسبة البطالة التي تعد من أخطر الآفات الاقتصادية في المجتمع، كما يؤثر على حركة الاستثمار في البلدان التي تتحقق بها عمليات الاستحواذ.
أما عن المنافسة فهي في الأصل عمل مشروع، وحق يحميه القانون، والتنافس هو تزاحم التجار أو الصناع على ترويج أكبر قدر من منتجاتهم أو خدماتهم من خلال جذب أكبر عدد ممكن من العملاء( ) ويجب أن يتم هذا التنافس والتزاحم بشرف وأمانة ووفقاً لقواعد القانون والعادات التجارية، أما إذا خرج التنافس عن هذا الإطار العام فإنه يعد عملاً غير مشروع، ويترتب عليه قيام المسؤولية القانونية.
لذا نجد أن المشرع قد وضع الضوابط العامة التي تكفل بقاء المنافسة ضمن دائرة المشروعية، ومنع أي سلوك من شأنه إخراج المنافسة إلى دائرة عدم المشروعية، وفي الوقت نفسه نجده قد منع السلوك التنافسي بذاته في حالات معينة بحيث تكون مجرد ممارسة المنافسة عمل غير مشروع وترتب المسؤولية القانونية.
وعن موقف القضاء من مفهوم المنافسة غير المشروعة( )، فقد عرّف القضاء الفرنسي في أحد قراراته المنافسة غير المشروعة بأنها: (اقتراف أفعال تخالف القوانين وتتنافى مع العادات التجارية...